تخطى الى المحتوى
EN

أحمد النعناعي

مصر

يوم تخرّج أحمد النعناعي من الثانوية العامَّة بمجموع ممتاز، كان خيار تخصُّص الصيدلة ينتظره مسبقًا في أحلام والده وتمنياته، وبعدما حمل شهادته الجامعية، انتظرته الصيدلية بكلِّ تفاصيلها: الرداء الأبيض المُعلَّق خلف الباب، ساعات العمل الطويلة، والانهماك الدائم.

وفي وسط هذا الانشغال، برزت الرغبة الكامنة في شخصية أحمد للمعرفة التقنية ومواكبة تطوُّر الإنسانية، حتى من خلف طاولة زجاجية. وفي عصر التقدُّم التقني والتحوُّل إلى العالم الرقمي، حيث كان أحمد -ككلِّ أبناء جيله- شاهداً على ثورة البيانات والمعلومات والذكاء الاصطناعي، كان ذاك الحاسوب الأسود بوابته إلى العالم الواسع.

تعلَّم أحمد بعض لغات البرمجة بنفسه منذ عشر سنوات، عبر بعض الكتب، ومن خلال الإنترنت أو عبر منصَّات كلَّفته كثيراً من الوقت والمال والجهد، فلا اللغة هي لغته الأم ولا الدروس مُفصَّلة ومُصممة لأشخاص يأتون من خلفيات علمية ومهنية بعيدة كل البعد عن عالم الرموز والأرقام.

كان لأحمد خطط كثيرة، رُكنت على رفِّ الانتظار الطويل، مثل برامج تنظِّم له بيانات عمله وترتِّب معلومات المرضى، أو تطبيقات تؤرخ بطريقة أوتوماتيكية عمليات شراء الدواء وبيعه وغيرها من التفاصيل التي تدخل في صلب عمله وتستجيب لتطلعاته.

كلّ ما سبق أصبح ماضياً بالنسبة لأحمد، وأصبح اليوم يدير عمله ببرامج وتطبيقات صنعها بنفسه، بعدما حاز على ثلاث شهادات مُعتمدة من مبادرة “مليون مبرمج عربي”، هذه المنصَّة التي يشعر بارتباط شخصي بها، فهي بالنسبة له تتحدّث لغته من جهة وتعلّمه لغة العالم أجمع في الوقت نفسه.

بعد أقلّ من سنة اكتشف أحمد أنَّ قصص النجاح ليست بالضرورة هي تلك القصص غير الاعتيادية والتي تُحدث ضجَّة وصخباً، بل يكفي أن يكون عنوانها الافتخار بالنفس أو أن تكون قصة بين سطورها مراحل تهذيب المواهب وصقلها وتطوير المهارات الذاتية وتغيير طريقة التفكير، وهذه هي قصة نجاحه.